قراءة تحليلية لمبادىء الصحة النفسية في القرآن (١٦)

الخاطرة ١٦

عن المفهوم الإسلامي للتركيبة النفسية

ذكرت في الخاطرة ١٤ المفهوم المعنوي للقلب والذي هو أقرب إلى مصطلح التركيبة النفسية أو “سايكي” كما هو معروف بالانكليزية. والقلب في معجم مقاييس اللغة أصلان صحيحان ، يدلّ أحدهما على خالص شي‌ء وشريفه ،

والآخر على ردّ شي‌ء من جهة الى جهة. أي أن القلب الذي يضخ الحياة في الجسد مكتسبا بذلك الرفعة بين الأعضاء يضخ في النفس الاندفاعات وتقلبات الهوى فيجمع بذلك بين الصفات العضوية والصفات النفسية التي يرمز لها.

ولعل هذه نقطة تباين مع آراء التحليل العلمي التي تتبنى الفلسفة الوضعية المبنية على التجارب الحسية والمعالجات المنطقية فقط. فنحن لا نؤمن أن دوافع الحياة محدودة فقط بحوافز البقاء التي تضمن بقاء الجسد وتلبي احتياجاته.

يقول عالم التحليل النفسي وأخصائي علم نفس الأعصاب مارك سولمز إن الحوافز تتمثل لنا من خلال ما نعرفه بالمشاعر وتلك طبيعة معاناتنا. نعاني من مشاعر مختلفة سواء أكانت شعور بالجوع أو الخوف أو العطش أو الألم فكلها مشاعر. وتقوم هذه المشاعر بتحريض الأنا على التحرك لتلبيتها. لذا فالأنا في مفاوضات دائمة لتسوية الصراع بين الرغبات الداخلية وواقع العالم الخارجي.

فيأتي المنظور الإسلام ليدرج بعدا ثالثا وهو الروح. والروح تؤثر على القلب وعلى الحوافز الأساسية وتمثل بعدا أساسيًا في حوافز الحياة. فهي التي تؤهل القلب ليكون على بصيرة وقادرا على التمييز بين الخطأ والصواب. إنها ما يمكننا من اتخاذ قرارات إيثارية تخالف قوانين الاصطفاء الطبيعي.

ويذكرني ذلك بمثل سابقا يقارن فيه القلب بالوعاء الذي يمتلأ من ينابيع خارجية كما يمتلك منبعا داخليا ينقي ما يرد من الخارج. وهذه القدرة الكامنة على البصيرة لا تقتصر على محاكماتنا العقلية وحسب بل وتستقي من الروح والفطرة التي فطرنا عليها.

لذلك نلاحظ أنه في العديد من الآيات التي تتحدث عن التعدي على حدود الله يتلخص ذلك في ما بعد في وصف اضطراب يصيب القلب كما في الآية ٨٨ من سورة البقرة.

فما هي الروح وما هي الفطرة؟

يتبع…

٧٥- أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

٧٦- وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ

٧٧- أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ

٧٨- وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ

٧٩- فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ

٨٠- وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

٨١- بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

٨٢- وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

٨٣- وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ

٨٤- وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ

٨٥- ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

٨٦- أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ

٨٧- وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ

٨٨- وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ

English version

الخاطرة السابقة

2 responses to “قراءة تحليلية لمبادىء الصحة النفسية في القرآن (١٦)”

  1. قراءة تحليلية لمبادئ الصحة النفسية في القرآن (١٥) | Islamic Perspectives, Psychoanalytic Understanding Avatar
    قراءة تحليلية لمبادئ الصحة النفسية في القرآن (١٥) | Islamic Perspectives, Psychoanalytic Understanding

    […] قراءة تحليلية لمبادىء الصحة النفسية في القرآن (١٦) […]

    Like

  2. قراءة تحليلية لمبادىء الصحة النفسية في القرآن (١٧) | Islamic Perspectives, Psychoanalytic Understanding Avatar
    قراءة تحليلية لمبادىء الصحة النفسية في القرآن (١٧) | Islamic Perspectives, Psychoanalytic Understanding

    […] قراءة تحليلية لمبادىء الصحة النفسية في القرآن (١٦) […]

    Like

Leave a reply to قراءة تحليلية لمبادىء الصحة النفسية في القرآن (١٧) | Islamic Perspectives, Psychoanalytic Understanding Cancel reply